متعة الأسماع في علم السماع

هذا الكتاب درّة من درر أحد رجال تونس العظماء الذين لم يحظوا باهتمام الدارسين الاهتمام الجدير بهم، وهو أحمد بن يوسف التيفاشي القفصي، من جلّة علماء المسلمين في القرن السابع الهجري، تولّى القضاء في أوّل حياته ببلده قفصة حيث ولد، ثمّ انتقل إلى المشرق متجوّلا في بلاده مستقرّا بالقاهرة، وفيها ألّف كثيرا من الكتب أهمّها فصل الخطاب في مدارك الحواسّ الخمس لأولي الألباب وهو موسوعة في أربعة وعشرين مجلّدا من ضمنها كتابنا هذا الذي خصّه للموسيقى وسمّاه « متعة الأسماع في علم السماع ».
تضمّن هذا الكتاب وثائق فريدة من نوعها كمدوّنة أغاني إفريقيّة والمغرب ومحفوظ ما وقع إلى مؤلّفه من أغاني الأندلسيّين ناسبا تلحين كلّ واحدة منها إلى ملحّنها وشهائد حيّة طريفة عن طرق الناس في الغناء في زمان المؤلّف، وأدب الغناء في مجالس الملوك والرؤساء شرقا وغربا، ومنها تسويات العود الأندلسي، ووصف دقيق للروطة وآخر للرقص وأنواعه وقوانينه. هو وثيقة لا نعرف لها مثيلا في تاريخ الحضارة العربيّة الإسلاميّة، إذ لم يكن الرّقص قبل مؤلّفنا موضوعا يرقى إلى اهتمام الدارسين، مع أهمّيّته، وتنوّعه وتنوّع الطبقات التي كانت تمارسه.
وأخيرا فإنّ الكتاب شاهد على حياة قاض من العصور الوسطى الإسلاميّة، أديب، مثقّف، متحرّر، عاش على النحو الذي يرضاه، وترك لنا كنوزا من المؤلّفات جديرة بالقراءة.