يشير الجاحظ في هذا النصّ إلى خصوصيّات مختلف الشعوب ويميّز اليونانيّين بالجانب النظري وصناعتهم للملاهي.
{43} […] ألا ترى أنّ اليونانييّن الذين نظروا في العلل لم يكونوا تجارا ولا صنّاعا بأكفّهم ولا أصحاب زرع وفلاحة وبناء وغرس ولا أصحاب جمع ومنع وحرص وكدّ وكانت الملوك تفرّغهم وتجري عليهم كفايتهم فنظروا حين نظروا بأنفس مجتمعة وقوّة وافرة وأذهان فارغة حتّى استخرجوا الآلات والأدوات والملاهي التي تكون جماما للنّفس وراحة بعد الكدّ وسرورا يداوي قرح {44} المهموم فصنعوا من المرافق وصاغوا من المنافع كالقرسطونات والقبّانات والاسطرلابات وآلة السّاعات وكالكونيا والكشتوان والبركار وكأصناف المزامير والمعازف وكالطبّ والحساب والهندسة واللّحوون وآلات الحرب كالمجانيق والعرّدات والرتيلات والدبّابات وآلة النفّاط وغير ذلك ممّ يطول ذكره وكانوا أصحاب حكمة ولم يكونوا فعلة يصوّرون الآلة ويخرطون الأداة ويصوغون المثال ولا يحسنون العمل به ويشيرون إليها ولا يمسّونها يرغبون في العلم ويرغبون عن العمل.
فهرست شلواح 1979: [43]