طبقات المغنّين

أبو عثمان عمر بن بحر الفُقيمي البصري الجاحظ

لم تصلنا من هذا النّص إلّا المقدّمة..

  • المتحف البريطاني - لندن (بريطانيا العظمى) : Or. 313849 أ-52 أ
    • بداية النصّ : ثم ان وجدنا الفلاسفة المتقدمين في الحكمة
    • آخر النصّ : ودفعنا به اذعال المذعلين وتحريف المتحرفين وتزيد المتزيدين ان شاء الله
  • مكتبة توبكابي ساراي - اسطنبول (تركيا) : EH 138524-26
  • المتحف البريطاني - لندن (بريطانيا العظمى) : Or. 313849 أ-52 أ
  • مكتبة توبكابي ساراي - اسطنبول (تركيا) : MS. E. H. 135824-26

محتوى النصّ

  • [مقدّمة]
  • [الخليل بن الأحمد البصري]
  • [إسحاق الموصلي]
  • [نهاية المقدّمة]

[مقدّمة]

[قراءة أوّليّة انطلاقا من نشرة 1906]

ثم إنّا وجدنا الفلاسفة المتقدّمين في الحكمة المحيطين بالأمور معرفة ذكروا أنّ أصول الآداب التي منها يتفرّع العلم لذوي الألباب أربعة فمنها النّجوم وبروجها وحسابها التي يعرف بها الأوقات والأزمنة وعليها مزاج الطّبائع وأيّام السّنة، ومنها الهندسة وما اتّصل بها من المساحة والوزن والتّقدير وما أشبه ذلك، ومنها الكيمياء والطبّ اللّذان بهما صلاح المعاش وقوام الأبدان وعلاج الأسقام وما يتشعّب من ذلك، ومنها اللّحون ومعرفة أجزائها وقسمها ومقاطعها ومخارجها ووزنها حتّى يستوي على الإيقاع ويدخل في الوتر وغير ذلك ممّا اقتصرنا من ذكره على أسمائه وجمله اجتنابا للتّطويل وتوخّيا للاختصار وقصدنا للأمر الذي إليه انتهينا وإيّاه أردنا واللّه الموفّق وهو المستعان.

[الخليل بن الأحمد البصري]

ولم يزل أهل كلّ علم فيما خلا من الأزمنة يركبون منهاجه ويسلكون طريقه ويعرفون غامضه ويهلون سبيل المعرفة بدلائله خلا الغناء فإنّهم لم يكونوا عرفوا علله وأسبابه ووزنه وتصاريفه وكان علمهم به على الهاجس وعلى ما يسمعون من الفارسيّة والهنديّة إلى أن نظر الخليل البصري في الشّعر ووزنه ومخارج ألفاظه وميّز ما قالت العرب منه وجمعه وألّفه ووضع فيه الكتاب الذي سمّاه العروض وذلك أنه عرض جميع ما روي من الشّعر وما كان به عالما على الأصول التي رسمها والعلل التي بيّنها فلم يجد أحدا من العرب خرج عنها ولا قصر دونها فلمّا أحكم ذلك وبلغ منه ما بلغ أخذ في تفسير النّغم واللّحون فاستدرك منه شيئا ورسم له رسما احتذى عليه من خَلَفَهُ واستتمّه من عني به.

[إسحاق الموصلي]

وكان إسحاق بن ابراهيم الموصلي أوّل من حذا حذوه وامتثل هديه واجتمعت له في ذلك آلات لم يجتمع للخليل بن أحمد مثلها، منها معرفته بالغناء وكثرة استماعه إيّا وعلمه بحسنه من قبيحه وصحيحه من سقيمه ومنها حذقه بالعزف والإيقاع وعلمه بوزنها وألّف في ذلك كتبا معجبة وسَهُلَ له فيها ما كان مستصعبا على غيره فصنع الغناء بعلم فاضل وحذق راجح ووزن صحيح وعلى أصل مستحكم له دلائل واضحة وشواهد عادلة ولم نر أحدا وجد سبيلا إلى الطّعن عليه والعيب له وصنع كثير من أهل زمانه أغاني كثيرة بها جسّ طبعهم والاتّباع لمن سبقهم فبعض أصاب وجهل صوابه، وبعض قصّر في بعض وأحسن في بعض.

[نهاية المقدّمة]

ووجدنا لكلّ دهر دولة للمغنّيين يحملون الغناء عنهم ويطارحون به فتيان زمانهم وجواري عصرهم وكان يكون في كلّ وقت من الأوقات قوم يتنادمون يستحسنون الغناء ويميّزون رديّه من جيّده وصوابه من خطائه ويجمعون إلى ذلك محاسن كثيرة في آدابهم وأخلاقهم وروائهم وهيآتهم فلم نجد هذه الطّبقة ذكروا ووجدنا ذكر الغناء وأهله باقيا وخصّصنا في أيّامنا وزماننا بفتية أشراف وخلّان نظاف انتظم لهم من آلات الفتوّة وأسباب المروّة ما كان محجوبا عن غيره معدوما من ساواهم فحملني الكلف بهم والمودّة لهم والسّرور بتخليد فخرهم وتشييد ذكرهم والحرص على تقويم أود ذي الأود منهم حتّى يلحق بأهل الكمال في صناعتهم والفضل في معرفته على تمييز طبقة منهم وتسمية طبقة أهل كلّ طبقة بأوصافهم وآلاتهم وأدواتهم والمذاهب التي نسبوا إليها أنفسهم واحتملهم أخواتهم عليها وخلطنا جدّا بهزل ومزجنا تعريفا بتعريض ولم نرد بأحد ممنّ سمّينا سوء ولا تعمّدنا فاضحا ولا تجاوزنا حدّا ولو استعمنا غير الصّدق لفضّلنا قوما وحابينا آخرين ولم نفعل ذلك تجنّبا للحيف وقصدا للإنصاف وقد نعلم أنّ كثيرا منهم سيبالغ في الذمّ ويحتفل في الشّتم ويذهب في ذلك غير مذهبنا. وما أيسر ذلك فيما يجب من حقوق الفتيان وتفكيههم واللّه حسيب من ظلم، عليه نتوكّل وبه نستعين وهو ربّ العرش العظيم.

ولم نقصد في وصف من وصفنا من الطّبقات التي صنفنا منهم إلّا لمن أدركنا من أهل زماننا ممّن حصل بمدينة السّلام دون من خرج عنها ونزع إلى الفتوة بعد التّوبة وإلى أخلاق الحدثة بع الحنكة وذلك في سنة خمس عشرة ومائتين، فرحم اللّه أمرأ حسن في ذلك أمرنا وخذا فيه حذونا ولم يعجل إلى ذمّنا ودعا بالمغفرة والرّحمة لنا وقد تركنا في كلّ باب من الأبواب التي صنّفنا في كتابنا فرجا لزيادة إن زادت أو لاحقة إن لحقت أو نابتة إن نبتت ومن عسى أن ينتقل به الحذق من مرتبته إلى ما هو أعلى منها أو يعجز به القصور عمّا هو عليه منها إلى ما هو دونها فينقل إلى مكانه الّذي إليه نقله ارتفاع درجته أو انحطاطها ومن لعلّنا نصير إلى ذكره ممّن عرب عنّا ذكره وأنسينا اسمه ولم يحط علمنا به فنصيره في موضعه ونلحقه بأصحابه وليس لأحد أن يثبت شيئا من هذه الأصناف إلّا بعلمنا ولا يستبدّ بأمر فيه دوننا ويورد ذلك علينا فنمنحه ونعرفه بما عنده ونصير إلى ترتيبه في المرتبة التي يستحقّها والطّبقة التي يحتملها فلمّا استتبّ لنا الفراغ ممّا أردنا من ذلك خطر ببالنا كثرة العيّابين من الجهّال بربّ العالمين فلم نأمن أن يسرعوا بسيفه رأيهم وخفّة أحلامهم إلى نقض كتابنا وتبديله وتحريفه عن مواضعه وإزالته عن أماكنه التي عليها رسمنا وأن يقول كلّ امرئ منهم في ذلك على حاله وبقدر هواه ورأيه وموافقته ومخالفته والميل في ذلك إلى بعض والذمّ لطبقة والحمد لأخرى فيُهجِّنُوا كتابنا ويلحقوا بنا ما ليس من شأننا وأحببنا أن نأخذ في ذلك بالحزم وأن نحتاط فيه لأنفسنا ومن ضمّه كتابنا ونبادر إلى تفريق نسخة منها وتصييرها في أيدي التّقات والمستبصرين الذين كانوا في هذا الشّأن ثمّ ختموا ذلك بالعزلة والتوبة منه كصالح بن أبي صالح وكأحمد بن صلام وصالح مولى رشيدة ففعلنا ذلك وصيّرناه أمانة في أعناقهم ونسخة باقية في أيديهم ووثقنا بهم أمناء ومستودعين وحفظة غير مضيّعين ولا متهمين وعلمنا أنّهم لا يودعون صيانة ما استودعوا وحفظ ما عليه ائتمنوا فإن شيب به شيب يخالفه وأضيف إليه ما لا يلائمه رجعنا إلى النّسخة المنصوبة والأصول المخلفة عند ذوي الأمانة والثّقة واقتصرنا عليها واستعلينا بها على المبطلين ورفعنا به أدغال المدغلين وتحريف المحرّفين وتزيد المتزيّدين إن شاء اللّه ولا قوّة إلّا باللّه العظيم.

الفهارس

فهرست شلواح 1979: [46]